عفوا عزيز القراء ...لا تذهب إلى بعيد ....فلا أقصد من هذا
الموضوع ما قد يدور في ذهنك ...وقبل أن أعرض فكرتي ، أود أن أشكرك على هذه الغيرة على
الحبيب ..ليس الموضوع كما تتصور فحقيقة الأمر
أن هذا الموضوع يحاكي شريحة خاصة من شبابنا لأهداف نقصدها ، وهي بالتأكيد ليست غائبة
عنك .
دينا الشامل سمح فمن شمول ،إذ أنه لم يغفل
عن شيء في هذه الحياة . فلقد تناول
جميع جوانب الحياة ، إلى جانب تعايش الحبيب
المصطفي الحبيب واصحابة مع ما فرضه الله سبحانه في هذا الكتاب الكريم في أمور حياتهم ، فكان منهجا ودليلا على كمال وشمول هذا الدين ،فمن
الجوانب التي شملها ديننا الحنيف وعاشها الحبيب الجانب العاطفي .
لقد تحاسدت مشاعر الحب في أدهان
شبابنا على الصور الغربية .إذ أخذوا يعبرون
عن مشاعرهم بالطريقة الغربية بما يعرف
" بالرومانسية " وهي تدفق العواطف دون توازن وانضباط. وهذا بسبب البعد عن المدرسة المحمدية في هذا الجانب . إذ يعتقد
الكثير منهم أن ديننا لا يحمل مثل هذه الماسات العاطفية وانه كله أوامر ونواهي ، ولعل
هذا يرجع إلى تجسيد الحياة الاجتماعية في مجتمعاتنا بعيداَ عن تعاليم الدين وخاصة في العلاقة بين المرأة
والرجل سواء أكانت ابنه أو أختا أو زوجه ، وساد العرف بدل الدين ، بالإضافة إلى ظهور بعض الاتجاهات الدينية
القوية في الساحة العربية والإسلامية التي
تسعي إلى نشر أفكارها الدينية ،بعيدة عن الواسطية
والاجتهاد ،متشددة خاصة في القضايا المتعلقة بالمرأة ،إذ أن قضية
المرأة بجوانبها المتعددة فيها أراء واجتهادات
لا اختيار ما يناسب المجتمع المسلم
لخلق مساحة من الانسجام والسعادة بين أفراده في ظل المتغيرات الحضارية .
ولكن ما كان من هذا الاتجاه والذي استطاع أن يكون الأقوى
وان يفرض نظرته المتشددة في مثل هذه القضايا
إلا إن يعكس صور للإنسان المسلم منفذا للأوامر والنواهي دون أ، يتخللها الجانب العطف
والرحمة عند تطبيقها بين أفراده ، مما اتاح
الفرصة للمتربصين بالإسلام للطعن فيه والى ضعاف النفوس إلى الانحدار وتقمص الأخر لأنه
يرى فيه ممارسة الجوانب الاجتماعية والسياسية
بحرية وعطف.
ولعل من أسباب هذا
التقليد أيضا ، المادية التي طغت على حياتنا وجعلتها
خالية من أية عواطف صادقة في التعامل ، بالإضافة إلى بعدها عن الثقافة الإسلامية
،مما يجعله يقلد الغربيين في التعبير عن مشاعرهم بما يسمى الرومانسية.
ولقد تطرقنا إلى أوهام الرومانسية وإثرها فهي حب تتحرك فيه العواطف دون عقل ، لذا فهو حب
عقيم يؤدى إلى الفراغ والعبث. وأن كان من المعروف أن الرومانسية عند شبابنا تعني عندهم
الحب أو العواطف الدافئة دون معرفة التفصيل عنها ، وفي كل الأحوال أن عرف معناها أم
لم يعرف ه فلا داعي إلى التقليد الغير وعند ك
الأحسن.
وهذا الأحسن يكمن في المدرسة المحمدية التي لو رجعنا إليها
لوجدنا فيها الحب بأرقي معانية يتجسد في شخصه
الكريم صل الله عليه وسلم مع ابنته وزوجه وأصدقائه
ولتوضيح ذلك نستعرض بعض الصور من حياة الحبيب في هذا الجانب لنعرف ما الفرق بين الحب
في المدرسة المحمدية أو في المدرسة الغربية و إليك بعض الصور.
المودة:
المودة والحنان عطر المحبة ، فمن مظهر مودته عليه السلام
للسيدة عائشة حبيبته رضى الله عنها في قوله
لها: " كنت لك كأبي زرع لأم زرع " يعني في المودة والحب . فقالت : لأنت خير
لى من أبي زرع لأم زرع (البخاري)
وتحكي السيدة عائشة رصي الله عنها عن لهو النبي صل الله عليه
وسلم معها قائلة :كنت أشرب وأنا حائض أى من إنا النبي صل الله عليه وسلم فيضع فئ فيشرب ، و أتعرق العرق ( تأكل اللحم الذي
حول العظم ) وأنا حائض ثم أناوله النبي صل الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فئ..(أخرجه
أحمد والنسائي)
وتحكي عائشة أنها كانت تغتسل مع رسول الله (صلى) في إناء
واحد، فيبادرها وتبادره، حتى يقول لها دعي لي، وتقول له دع لي، وعنها قالت: "كنت
أشرب وأنا حائض فأناوله النبي (صلى) فيضع فاه (فمه) على موضع في (فمي)". (رواه
مسلم والنسائي).
ملاطفة ومداعبة:
ومن أروع ما وقع
في بيت النبي صل الله عليه وسلم من صور الملاطفة
" ما كان من استجابة النبي صل الله وسلم عليه وسلم إلى رغبة عائشة حين أرادت أن
تشاهد لعب الحبشة بحرابهم أمام المسجد الذي تطل عليه حجرتها والمسجد يومئذ فضاء غير
مسقوف ، وكان اليوم يوم عيد ، ولم يكن الوقت وقت صلاة ، فإذن النبي صل الله عليه وسلم
لعائشة أن تقف خلف ظهره وتضع رأسها فوق كتفه لتشاهد لعب الحبشة بحرابهم ، وتأنس وتتسلى
بتلك المشاهدة ، وهي مستريحة قد بعت نفسها فأستأذنت بالانصراف وهي راضية " (صحيح
البخاري "كتاب العيدين ")
المرح وخفة ظله الحبيب:
ويعد المرح في البيت يدخل السور البهجه قي القلوب
ويزل الملل ،تقول السيدة عائشة رضي الله عنها : أتيت النبي صل الله عليه وسلم بحريرة (حساء) قد طبختها له . فقلت لسودة والنبي
بيني وبينها : كلى ، فأبت ، فقلت : لتأكلين أو لألطخن وجهك ، فأبت ...فوضعت يدي في
الحريرة فطليت وجهها فضحك النبي صل الله عليه وسلم فوضع بيدة لها وقال لها : لطُخي
وجهها ففعلت فضحك النبي صل الله عليه وسلم لها...ثم قال النبي صل الله عليه وسلم لهما
"قوما فاغسلا وجوهكما ".(انظر جمع الزوائد 4/ 318)
عن خفة ظلة علية السلام ما تحكية لنا السيدة عائشة
رضي الله قائلة : خرجت مع النبي صا الله عليه وسلم في بعض أسفارة ، وأنا جارية لم أحمل
اللحم ولم أبدن (لم تسمن ) فقال للناس : تقدموا ، فتقدموا ثم
قال لى : تعالى حتى أسابقك ، فسابقته فسبقته فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت خرجت
معه في بعض أسفارة ، فقال للناس : تقدموا ، فتقدموا ثم قال : تعالى حتى أسابقك فسابقته
فسبقني ، فجعل يضحك ويقول : " هذه بتلك " . ( أخرجه أحمد )
إعلان حبه:
يخشى الكثير من الناس ذكر اسم محبوبه في الملاء
، بل ان عند ذكر اسم امرأة تنخفض الاصوات .. الا الحبيب المصطفي فهو يعلن باسم محبوبة
على الملاء فعن عمرو بن العاص أنه سأل النبي (صلى) :"أي الناس أحب إليك. قال:
عائشة، فقلت من الرجال؟ قال: أبوها". (البخاري).
الهدية:
أسرع
الطرق إلى قلب المحبوب ، فإذا أردت أن تجعل من حياتك عيدا فتعاهد محبوبك بالهدية ن
فالهدية أقوى سلاح لطرد الخصام بين الاحبه,وقال النبي صل الله عليه وسلم يرسم لنا طريق
السعادة والمحبة والألفة بين القلوب " تهادوا تحابوا " (الموطأ) .
الرقة و الرأفة:
وبلغت رقته الشديدة مع زوجاته أنه يشفق عليهن
حتى من إسراع الحادي في قيادة الإبل اللائي يركبنها، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي
(صلى) كان في سفر وكان هناك غلام اسمه أنجشة يحدو بهن (أي ببعض أمهات المؤمنين وأم
سليم) يقال له أنجشة، فاشتد بهن في السياق، فقال النبي (ص) "رويدك يا أنجشة سوقك
بالقوارير".. (البخاري).
وعن ميمونة رضي الله عنها قالت: " كان
رسول الله (ص) يدخل على إحدانا وهي حائض فيضع رأسه في حجرها فيقرأ القرآن، ثم تقوم
إحدانا بخمرته فتضعها في المسجد وهي حائض". (رواه أحمد).
نداء المحبوب بأحب الأسماء إليه :
اسعد محبوبك بندائه بأحب الأسماء وأجمل الألقاب
أعطر الأجواء بينكم بأرق الأسماء إلى قلبه واحرص دائما على أن يكون هذا الاسم الجميل
على طرف لسانك . فقد كان النبي صل الله عليه وسلم ينادي السيدة عائشة رضي الله عنها
بأحب الأسماء إليها فيقول لها : عائش . وكان النبي صل الله عليه وسلم يقول لها : يا
حميراء لجمالها وحسنها .(ابن ماجه )
الاعتذار:
من علامات الحب اعتذار المحبوب لحبيبة إليك
صور من اعتذار الحبيب المصطفي إلى حبيبة عائشة استمرار الفاء الود بينهما فعن أنس رضي الله عنه قال: كانت صفية –رضي الله
عنها –مع النبي صل الله عليه وسلم في سفر فأبطأت
في المسير فاستقبلها وهي تبكي . وقالت : حملتني على بعير بطئ . فأخذ النبي صل الله
عليه وسلم يمسح عينها ويسكنها كالمعتذر لها .( النسائي)
الحوار العذب مع المحبوب:
من وسائل ترطيب القلوب وزيادة الألفة بين
المحبين ، فقد كان حوار النبي صل الله عليه وسلم لا يقوم على الإدانة وتذكر أخطاء الماضي
، فذات يوم جلس النبي صل الله عليه وسلم إلى السيدة عائشة –رضى الله عنها – يتسامر
معها في حوار هادي . فقال : " إني لأعلم إذا كنت عني راضية ، وإذا كنت على غضبي
. فقالت : بم تعلم يا رسول الله ؟قال : إذا كنت على غضبي فحلفت قلت : كلا ورب إبراهيم
وإذا كنت راضية قلت : كلا ورب محمد " فقالت : صدقت يا رسول الله ، ما أهجر إلا
اسمك ( البخاري )
الحلم :
الحلم من الأخلاق التي لابد أن يتحلى به المرءُ لمداومة المودة و المحبة .وجرى بينه وبين عائشة
–رضى الله عنها –كلام حتى دخل أبوبكر صل الله عليه وسلم حكما بينه صل الله عليه وسلم
وبينها قال لها رسول الله عليه وسلم : تكلمي أوتكلم ؟ فقالت : تكلم أنت ولا تقل إلا
حقا فلطمها أبوبكر رضى الله عنهما حتى أدمي فاها .وقال : أو يقول غير الحق يا عدوة
نفسها ؟ ...فاستجارت برسول الله صل الله عليه وسلم وقعدت خلف ظهره . فقال النبي صل
الله عليه وسلم بأخلاقه وحلمه : " إنا لم ندعك لهذا ، ولم نرد منك هذا "
( أبو داود )
تطيب الخاطر :
الكلمات الطيبة التي تطيب الخاطر كماء البارد
يطفئ نار الثورة والحزن وكن كما كان النبي ص
الله عليه وسلم لزوجته صفية –رضى الله عنها
–يلغ السيدة صفية –رضى الله عنها – أن السيدة حفصه بنت عمر بن الخطاب –رضي الله عنهما
–قالت عنها : إنها بنت يهودي فبكت فدخل عليها النبي صل الله عليه وسلم وهي تبكي . فقال
: " ما يبكيك " ؟ فقالت : قالت لى
حفصة : إني بنت يهودي فقال النبي صل الله عليه وسلم يواسها ويطيب خاطرها ويذهب
عنها الحزن : " أنك لابنة نبى وأن عمك لنبي ، وإنك لتحت نبى ففيم تفخر عليك ؟
" (الترمذي ).
الوفاء :
الوفاء صفة جميلة تدفئ المشاعر ، وتعمل على
ترابط الأسرة وتماسكها ، فكن في وفائك متخلقا بأخلاق النبي صل الله عليه وسلم ، نقول
السيدة عائشة (-رضي الله عنها – ما غرت على نساء النبي صل الله عليه وسلم إلا على خديجة وإني لم أدركها . قالت : وكان رسول
الله صل عليه إذ ذبح الشاة فيقول : أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة . (مسلم )
وتقول أيضا : ما غرت على امرأة ما غرت على
خديجة من كثرة ذكر النبي صل الله عليه وسلم
إياها ، ولقد ذكرها يوما . فقلت : ما تصنع بعجوز حمراء الشدقين ؟ ( كناية عن كبرها وسقوط أسنانها ) هلكت في الدهر
قد أبدلك الله خيرا منها .
فقال صل الله عليه وسلم الزوج الوفي المخلص
لزوجته " والله ما أبدلني الله خيرا منها ، آمنت بي حين كفرالناس ، وصدقتني إذ
كذبني الناس ، وواستني إذ حرمني الناس ،ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء
( البخاري )
هذه بعض الصور من محبة رسول الله لزوجاته
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق