عنوان الكتاب :كتاب تاريخ إقليم طرابلس الإسلامي من القرن السابع إلى العاشر.
تأليف الدكتورة زكية بالناصر القعود
الناشر: (شركة مطبعة السلام ،القاهرة ، طبعة الأولي،2024)
لتحميل الكتاب من هنا
المقدمة
الحمد لله ربِّ العالمين، الذي أعان وأنعم، والصلاة والسلام على نبيّّ الهدى والرحمة؛ سيدِّنا محمدٍ، وأصحابه الذين اتبعوه ونصروه، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
تعتبر دراسة تاريخ ليبيا في فترة العصر الوسيط، من القضايا المهمة في تاريخ ليبيا، وتاريخ المغر ب الكبير، ولا سيََّما أن هذا البلد ساهم بدور فعال في أحداث المغر ب الكبير في ظل الدولتين الموحدية والحفصية، إلا أن هذا الدور يحتاج إلى المزيد من الدراسة والاهتمام،للكشف عن، العلاقات المغاربية في ظل حكم الدولتين الموحدية والحفصية، وإبراز دور ليبيا في الحياة السياسية، بالتركيز على نظم الحكم والإدارة والاقتصاد، وجوانب من الحياة
الثقافية؛ لمعرفة إلى أي مدًى كانت إسهامات هذا القطر في الحضارة الإسلامية، بالإضافة إلى صور من الحياة الاجتماعية.
ليس من السهل أن يُكتب في الجانب الحضاري في هذا القطر في الفترة بين القرن السادس والربع الأول من القرن العاشر الهجري، بمعزل عن تاريخ إفريقية والمغر ب الأقصى، خاصة في عهد دولتين الموحدين والحفصيين اللتين تتضمنا فترة الدراسة؛ لأن تاريخ هذا القطر – ما يسمى ليبيا حاليًا – في معظمه أوأغلبه كان مرتبطًا بتاريخ المغر ب الأدنى، الذي سيطرت عليه الدولة الحفصية بعد انسلاخها عن الدولة الموحدية في المغر ب الأقصى.
وإن المطلع على هذه الفترة سيرى - بدون شك - من أول وهلة أنه من المبالغة السعي إلى الإحاطة الكاملة الشاملة بها، وهذا لا يبتعد عن الحقيقة، ولكن الباحث في هذا الموضوع يحاول تسليط الضوء على جانب من جوانب حضارية من خلال ما توفر بين يديه من المصادر والمراجع.
وأن تعددت الدراسات حول هذا الموضوع؛ فإنني أرى أنه لا مانع مِنِ أن يَتناول أكثرُ مِن واحد مِن أهل العلم وأصحا بِ الأقلام الوطنية جانبًا من البحث في هذه الفترة، وا لمَبدأ في ذلك كشف تاريخ هذا القطر الذي لا يزال كثير منه يحتاج للدراسة والبحث، من خلال حُّوا في طرحها؛ كُلٌّ طرح قضية واحدة، أوقضايا محدَّدة، ويركِّز عليها الباحثون ويعا لجِونها، وُيُلِ بأسلوبه ومنهجه، حتى تتج ىلَّى وتتأكدَ من جميع جوانبها، وتصيرَ في إطارها ووضْعِها الصحيح من الناحية التاريخية، ولا نكتفي بطرحٍ واحدٍ أومعا لجَةٍ واحدةٍ لقضية ما، بل يَكتُب فيها كلُّ مَن يرى في نفسه القدرةَ على ذلك، وإن كان قد تناولها غيره، ولا شك أن لهذا النهج أثرَه في تعزيز وتدعيم مواجهة ما يقال، بأن طرابلس )ما يعرف بليبيا اليوم( في العصور الوسطي لم يكن لها تاريخ مستقل، أوليس لها إسهامات في الحضارة الإسلامية،كباقي أقاليم المنطقة – أوالدول - مثل تونس، ومصر، والمغر ب.
وهذا البحوث والدراسات تناول زمنيًًّا الفترة ما بين القرن ( 6- 10 ه)، وجغرافيًًّا إقليم طرابلس الذي يمتد من سرت شرقًًا إلى صفاقس غربًًا، ومن البحر شمالا إلى غدامس جنوبا ، ونظرًًا لأن إقليم برقة من سرت شرقًًا إلى درنة كان ضمن التقسيم الإقليمي التابع إلى دولة الأيوبيين والمماليك في فترة الدراسة، من خلال المنهجية التاريخية المتبعة في هذه الدراسة التى ترجع إلى فترة التاريخ الوسيط لا يمكن نطلق مصطلح «ليبيا » على هذا الامتداد الجغرافي،لأن هذا المصطلح لم يظهر إلا في العصر الحديث بالتحديد سنة 1911 م، وعليه سنستخدم مصطلح «إقليم طرابلس » أو «الطرابلسيين »؛ نقصد به المنطقة الغربية من أراضي ليبيا الآن،كما أن هذه الدراسة لا تشمل تاريخ إقليم برقة - المنطقة الشرقية - خلال هذه الفترة؛ وذلك لأن كلا من الجزء الغربي والشرقي – إقليم طرابلس وإقليم برقة - كان يخضع كل منهما لمنطقةمن الجزء الغربي والشرقي – إقليم طرابلس وإقليم برقة - كان يخضع كل منهما لمنطقة نفوذ الدول المجاورة له .