السبت، 3 سبتمبر 2016

المنهج النقدي عند الأطباء المسلمين ...د.زكية القعود



أن الحضارة الإنسانية ما هي إلا مزيج بين حضارات العالم فالحضارة اليونانية مثلا ما هي إلا خليط من حضارات الشرق القديمة ،  تبلورت وظهرت في صورة الحضارة اليونانية اللاتينية ، و كذلك الحضارة الإسلامية كانت وسيطا بين هذه الحضارات، حيث أقبل  علماء المسلمون على ترجمة التراث القديم ، و عملوا على دراسته وتمحيص الحقائق ونقدها لتحري الصواب واتبعوا في ذلك منهجيا علميا منظما ، توصلوا به إلى الكثير من الحقائق العلمية الجديدة ، وهم بذلك سبقوا علماء الغرب في اتباع المنهج العلمي .خلاف ما ادّعاه المغرضين والناقمين على الإسلام بقولهم أن علماء المسلمين لم  يكونوا مبدعين بل  مجرد نقله نقلوا العلوم القديمة ولم يضيفوا إليها شيء له  أثر يذكر على سير المدنية
ولعل هذا لاعتقاد نشأ نتيجة لإهمال أصحاب التراث الإسلامي لتراثهم ونتيجة لتحامل عدد من علماء الغرب على هذا  التراث  وانتقاصهم قدره بقصد تسويه صفحات لامعة من التاريخ الإسلامي والإنساني لمآرب غير خافية على لأحد.

على أن من ينظر بعين العدالة في التراث الإسلامي العلمي سيجد أن لمسلمين قد ضربوا بسهم وافر في مختلف العلوم ،وأنهم لم يكونوا مجرد نقلة ، بل أنهم  تصدوا  للعلوم القديمة بالدراسة  ونقدا  لتحري الصواب واتبعوا في ذلك منهجا علميا منظما أتاح لهم الوصول إلى العديد من الحقائق العلمية الجديدة و إلى نظريات وأفكار كان لهم فيها  السبق وهذا بفضل استخدامهم المنهج العلمي الذي اتبعوه قبل الغرب بقرون.

أن المنهج العلميّ  هو الفكرة الرّئيسة التي تميز أي علم من العلوم الطبيعّية ، والعالم الذي يعمل بدون منهج لن يصل لاكتشاف علميّ، ولن تتاح له الفرصة لإضافة إسهامات علمية جديدة للبشرية ، ومن ثم يصبح ناقلا مرددا للأفكار الآخرين.(1). ويقال إن المهم في العلم صحة المنهج ، لا النتائج ومن المعروف أن  النتائج العلمية قد تكون في وقت ما احتمالية إلى أن يثبت خطؤها، فتجازوها العلماء إلى غيرها.(2)

والعلماء والأطباء المسلمين  كانوا يدركون جيدا أهمية أن تأتي أفكارهم نتيجة المنهج العلمي الذي اتبعوه في البحث والقواعد المتحدة التي التزموا بها   ، ولذا وجدناهم يجمعون بين الحس والعقل ويناقشون عقليا ومنطقيا ما يعرضه الحسّ في ضوء مؤلفاتهم . (3) ولقد أدى هذا إلى تقدم علم الطب عند المسلمين وفي هذا الصدد يقول " داود الأنطاكي " ليس هناك علم من العلوم يستغنى عن علم الطب أصلا ، لأن اكتساب العلوم لا يتم  إلا بسلامة البدن والحواس والعقل " (4).

وهذا الرأي أن دل عل شئ، فإنما يدل على أن أطباء المسلمين ، كانوا واثقين بعلمهم ثقة لا حدّ لها مدركين أهميته في حياة الإنسان وهذه الثقة ترجع إلى المنهج العلمي الذي اتبعوه.

من هنا نرى. أن المنهج العلمي يعني الأسلوب أو الطريق لتقصي الحقائق ، وهو في حد ذاته فن التنظيم الدقيق والسليم للأفكار الذهنية المتعددة للعقل لبشري من أجل كشف الحقائق المجهولة أو برهنتها أو إثبات صحتها . ومن هذه المناهج العلمية التي اتبعها الأطباء المسلمين المنهج النقدي.
فالمنهج النقدي لا يعدو أن يكون أحد المناهج العلمية التي يمكن أن يدرس بها الحقائق العلمية ، فهو يعتمد إلى حد كبير على التدليل المنطقي والتفكير العقلي ، وهذا يتطلب من الباحث سعة الإطلاع وقوة إدراك وفطنه وقدرة على التحليل والتدليل والنظرة الموضوعية.مع الاعتماد على الملاحظة والتجربة اللذان هما مصدر الخبرة التي يعتمد عليه النقد.(5)

إذ أن التجربة تمكنّ الباحث من نقد معلومات وأفكار ونظريات من  سبقوه  ومن إدراك ما في تراث من قبلهم من نقص وتناقص.(6)

ولقد ظهرت روح النقد عند المسلمين منذُ العصور الأولى من تاريخهم ،ولتنظيم العمل بهذا المنهج وصفوا  له مبادئ لسير عليه منها :-

1- احترام السلف على الرغم من وقوع البعض منهم في زلات وهفوات.

2- لا يمنع الاستدراك على الأسلاف بشريطية إلا ينطوي ذلك الاستدراك على الإسراف في التجريح والتظليل. (7) .

لأن الإسراف في الشك والنقد والاستهتار بكل ما يقال ، معيب كل العيب يعد ميعا فكريا وتحللا نفسيا ومن أكثر الأمور خطورة  على الفكر(8). 

وهذه المبادئ جعلت النهج النقدي عنده العلماء المسلمين  مبنيا على قيم أخلاقية جعلت مفيدا ومثمرا، غير أن كثير من الباحثين غفل عن هذه الحقيقة ، مما أدى إلى سوء فهمه الأمر الذي جعلهم يتهموا علماء المسلمين بضعف الروح الانتقادية ووصفهم بالتبعية للقدماء (9).

ومن أنواع النقد عند علماء المسلمين النقد الحدسي:- وهو إصلاح الخطأ في النص قصد وتعمد أي نتيجة بحث وتفكير في سلامة النص ، و كانوا مع هذا شديدي الحرص إلا يمسوا نص النسخة الخطية بالإصلاح وتعديل لأنهم كانوا يدركون جيدا أن الأقدام على عمل كهذا ( النقد الحدسي ) يؤدي إلى كثير من المزالق التي لا يمكن تفاديها(10).

ويعتبر الخوازمي والصابي أول من تناول هذا المنهج ، لم يكن الهدف منه النقد اللغوي الصرف الذي يعني بإصلاح كلمة بكلمة أخرى ، ولكنهما كانا  يرميان إلى ما هو أبعد من ذلك فهما لا يعنيان بقضية استنباط النص الأصل كما وضعه المؤلف بل بتحسين المعني الذي قصده (11)

ومثالا على هذا النوع من النقد الذي يتطلب الإدراك والتحري وعمق التفكير في مقالا لابن سينا عن النقد الحدسي أشار إليه فخر الدين الرازي في كتاب الإشارات لابن سينا بقوله " أن ابن سينا يرفض النظرية التي تقول بأن الأجسام تتركب من عدد محدود أو غير محدود من الذرات . وفي بحثه النظرية الثابتة "يذكر أنها " عدد غير محدود، حيث يفترض  وجود كثره من الآحاد التي يفوق حجمها الوحدة الأساسية ، ويفترض كذلك " وإمكانية الإضافة بينها في جميع الجهات " . و فخر الدين  الرازي فيرجع الضمير( ها) في لفظة بينها " إلى الكثرة " ويقترح أن نقرأ النص هكذا " وإمكانية الإضافة بين تلك الكثرة وبين غيرها في جميع الجهات "ويفسر إصلاح القراءة بقوله : إن اقتراحه هذه القراءة  ليس مبنيا على مقابلة بالنسخ الأخرى ، ولكنه يظن أن "ولكنه يظن أن  إسقاط الكلمات التي أضافها ناجم عن خطأ عن النسخ ارتكبه أما ابن سينا نفسه أو ناسخ ما غيره أو أن ابن سينا أسقطها عمدا لان القرينة تدل عليها "(12).  

أما النوع الثاني من النقد فهو النقد الموضوعي ، و يتم نقد المعلومة العلمية من قبل الباحث نقدا  معتمدا على الخبرة والتجربة والمشاهدة القياس والاستقراء ، وكان من وراد  هذا المنهج العلمي الرازي وابن النفيس ابن الهيثم وجابر بن حيان وغيرهم كثير ممن  حددوا خطوات هذا المنهج  ومراحله، وهذا النوع من النقد هو الذي نحن في صدد الحديث عنه ، فلقد استخدامه الأطباء المسلمين كمنهج لنقد ما يصل إليهم من معلومات طبية سواء من التراث اليوناني أو من سبقهم من أطباء ، لتطوير علم الطب  للتأكد من المعلومات التي بين أيديهم .

وعلماء المسلمين يروا أن السير في هذا المنهج ضروري ، فهذا أبي هاشم البصري يقول : " الشك ضروري لكل معرفة " (13) وقال الجاحظ فيه أيضا " تعلم الشك ، في المشكوك فيه تعلما فلو لم يكن  إلا تعرف التوقف ثم التثبيت لقد كان ذلك مما يحتاج إليه " (14) .ويقول ابن سينا الشك وسيلة لا غاية ،طريق إلى اليقين ، فهو في هذه الحدود ضرورة لازمة وفضيلة إنسانية محتمة (15) ويقول أيضا الشك في الحياة الفكرية له  خطره الذي يسمو بالمجتمع إلى مراتب النضج الفكري والكمال الإنساني ، إذا التزم حدود الاتزان ولم يركب متن الشطط (16).   وهذا ابن حزم قد رسم نظرية المعرفة عنده على أسس ثلاثة :-

1- شهادة الحواس (أي الاختيار ) .

2- بأول العقل ( أي بالضرورة وبالعقل من غير حاجة استعمال الحواس الخمس .

3- ببرهان راجع من قرب أو من بعده إلى شهادة الحواس وأول العقل(17).

وبناء على ما سبق فقد كان العلماء المسلمون سباقين في اتباع هذا المنهج ، وهذا يدحض الافتراء الغربي الذي ينسب إلى العلماء الغرب وخاصة فرنسيس بيكون وضع هذا المنهج ، يقولـ فـرسـيس بيكون : " إن الذين يبدأون باليقين لا يصلون إلى الحقيقة أبدا والذين يبدوان بالشك يصلون إلى اليقين دائما " 18).

وهناك الكثير من الدلالات التي تؤكد على استخدام علماء المسلمين للمنهج النقدي في مقدمات مؤلفاتهم فهذا البيروني يقول : " إنما فعلت ما هو واجب على كل إنسان أن يعمله في صناعته من تقبل اجتهاد من تقدمه بالمهنة ، وتصحيح خلل إن عثر بلا حشمة . . . وتخليد ما يلوح له فيها تذكر لمن تأخر عنه بالزمان وأتى بعده(19) .

ويقول العالم الكبير الحسن بن الهيثم في هذا الغرض" ونجعل غرضنا في جميع ما نستقرئه ونتصفحة استعمال العدل لا أتباع الهوى ونتحرى سائر ما نميزه وننتقده طلبا الحق لا لميل مع الآراء . .( 20).
ومن أقواله أيضا بخصوص ضرورة التجرد للنظر في العلوم والحقائق نظرة متحفظة شاملة ومحايدة ما نصه " الحق صعب لذاته وكل مطلوب لذاته فليس يعني طالبه غير وجوده وجود الحق صعب والطريق إلية وعر والحقائق منغمسة في الشبهات محسن الظن بالعلماء في طباع جميع الناس ، فالناظر في كتب العلماء إذا استرسل مع طبعه وجعل غرضه فهم ما ذكروه وغاية ما أوردوه حصلت الحقائق عنده هي المعاني التي قصدوها والغايات التي أشاروا إليها وما عصم الله العلماء من الزلل ولا حمى علمهم من التقصير والخلل ولو كان ذلك لما أختلف العلماء في شئ من العلوم ولا تفرقت آراؤهم في شئ من حقائق الأمور ، لوجود بخلاف ذلك ، فطالب الحق ليس هو الناظر في كتب المتقدمين المسترسل مع طبعه في حسن الظن بهم ، بل طالب الحق هو المتهم وظنه فيهم المتوقف فيما يفهمه عنهم ، المتبع الحجة والبرهان لا قول القائل الذي هو لإنسان المخصوص  في جبلية الخلل والنقصان (21)
أما عالمنا أبو بكر الرازي فيقول بخصوص تقصي الحقائق " فإذا اجتهد أي -العالم - وشغل نفسه بالنظر والبحث فقد أخذ في طريق الحق فالمجتهد بحق مشكور حتى ولو لم يبلغ الغاية " (22).ويقول أيضا " ولا نحل شيئا من ذلك عندنا محل الثقة  إلا بعد الامتحان والتجربة (23) .ويقول ابن النفيس في مقدمة كتاب شرح تقدمة المعرفة لبقراط"رأينا أن نسلك طريقنا في اتباع الحق ونصرته ،واجتناب الباطل وملاحظته " (24)

ولقد انماز نقد النفيس بالجرأة والتحدي والثقة بالنفس فنراه يقول في مقدمة شرح كليات القانون " وأن نوضح كل مطلب الحق ونبين كل مذهب لا الرث الشاذ ونرتب المباحث ونتكلم عليها بحسب النظر المحقق ثم ننصر الحق ونعلي منارة ونتحدى الباطل ونخفي آثاره(25) لك قوله في مقدمة كتاب شرح الفصول لـبقراط " وأما نصـرة وأعلاذنا له وخذلان الباطل وطمس أثاره ، فأمر التزمان في كل فن (26)
لقد كانت الغاية من إبراز هذه الفقرات توضيح بأن ما حصل عليه أجدادنا من رفيع العلوم كان نتيجة تمحيص ونقد وتحليل لما وصلهم من مادة ولم يكونوا مقلدين لآراء الآخرين الكتاب يتوهم عديد من الكتاب وخاصة الغربيين منهم وذلك ليبعدوا الأصالة والإبداع عن فكرنا العربي.

وفي الوقت الذي ينكر فيه كثير من المؤرخين والعلماء الغرب بأن العلماء المسلمين لم يستخدموا المنهج النقدي ، هناك من اعترف بأن العلماء المسلمين لم يأخذوا آراء وأبحاث من سبقهم مهما كانت مكانتهم العلمية دون نقد أو تفكير . فيقول جاك . س . ريسل . عن الأطباء العرب في كتابه " الحضارة العربية " " قد جمعوا دون كلل - وهم ناقدون مدققون غاية التدقيق ومتأنون وذوو رأى صلب ، ومن الآن وصاعدا أصبح الطب تجريبيا(27) ويقول أحد  المستشرقين الفرنسيين " إن الحركة العلمية عند الغرب تتميز بالانتقال من المعلوم إلى المجهول والتحقيق الدقيق قي ظواهر ورفض كل حقيقة لم تثبت عن طريق الملاحظة الحسية " (28) . ويقول كذلك روزنتال dR.f. ANZ ROSENTHAL  " كثيرا ما كان الأطباء المسلمون يرفضون الأخذ بنظريات إبقراط وجالينوس الطبية الخطأ يجدونه فيها إما بناء على اختباراتهم الشخصية أو بناء على تفكيرهم المنطقي " (29) ويقول أيضا البروفسور فارمر  fARMER    إن علماء العرب لم يأخذوا بآراء الذين سبقوهم حتى ولو كان نجم السابقين مضيئا وعاليا إلا بعد أن يتأكدوا ويتثبتوا منها عمليا " (30).

وتيجلى هذا المنهج بوضوح في الكم الهائل من الشروح والتعليقات التي قام بها الأطباء على المؤلفات الطبية السابقة التي تتمثل في :-

1-نقد التراث اليوناني   الذي نقلوا منه الكثير.

2- نقد مؤلفات الأطباء المسلمين .

وفي هذا الموضوع  سنعرض بعض من نماذج نقدهم لذلك .

أولا: نقد التراث اليوناني :

لا يعني مفهوم الشرح عند أطباء المسلمين  مجرد إعادة القديم فحسب ، وإنما مراجعة وتنقيح مسائله وتصحيح أغلاطه، ونقد محتواه ، لكن يمكننا القول بأن الشرح في هذه المرحلة كان يعني",وإعادة النص للحياة "(31). بهذا المفهوم السابق لكلمة شرح قام العديد من الأطباء ومنهم " ابن النفيس والبغدادي والرازي والزهراوي وغيرهم بشرح أعمال أبقراط جالينوس، ولقد تجلت هذه النزعة النقدية في أعمال البغدادي وابن النفيس . فمن البراهين على نقد الأطباء المسلمين للتراث اليوناني .

نقد الرازي:" مما انتقد فيه أبقراط قوله : " إذا عرض للمستسقي سعال بلا سبب موجب للسعال ، كالنزل وغيره ، ولكن من نفس علته لغلبة الماء وكثرتة، فإنه هالك ، وذلك أنه يدل على أن الماء قد بلغ إلى قصبة الرئة وأشرف على الاختناق " والرازي يقول في ذلك :" هذا قول سمج وذلك أن الماء تحت الحجاب ، فكيف يبلغ قصبة الرئة ؟ ولكن الأولى في ذلك أن كثرة الماء لما يزحم الحجاب جدا ، فيضيق لذلك النفس ويهيج السعال " (32) والرازي محق في اعتراضه . ومما خالف فيه أيضا قوله: " البول يزداد في الشتاء زيادة كثيرة والرسوب يكون فيه أكثر " ويقول الرازي في ذلك : أما كثرة كميته عندي فلقلة العرق ، وأما الرسوب ، فيقول لم أر قط هذا الرسوب في بول البالين وهو خطأ لا يكون"(33) .

ونقد بغدادي ": لو نظرنا إلى المقدمة المنهجية ، التي وضعها البغدادي ، في بداية شرحه لكتاب  تقدم المعرفة ، نجده يعتبر عملية الشرح ، هي وضع كتاب علمي على جهة معدلة ،
نجده يقول: ,,.. إن كل واضع كتاب علمي على جهته المعدلة فقصده تسهيله على المتعلم بثلاثة وجوه هي :

1.أن  يجتنب اللفظ الوحشي والملبس والمغلظ ويجتهد أن يصور المعني في نفس المتعلم بغاية الإمكان.

2.  أن يثبت الرأي بالحجج المكنة والأدلة الواضحة .

3 . أن يرتب الموضوع ترتيبا يسهل حفظة ولا يصعب ضبطه .(34)

بهذا نرى أن البغدادي  يقدم صياغة نظرية فحسب وإنما يحدد طريقا عمليا قام به بالفعل في شرحه فنراه يحرص كل الحرص على تقديم آراء السابقين ،ورأى العلماء فيها وتحليلها ونقدها وتصحيح ما بها من أغلاط وقد تجلت هذه النزعة في أعماله بشكل بارز في أثناء حديثة عن آثار مصر واعتقاد العوام والمعاصرين له في ضخامة أجسام الفراعنة ، حيث ينتقد هذه الفكرة العامية برجوعه إلى المومياءات الفرعونية ،ثم يقدم تعليلا لاعتقاد العوام فيقول: وإذا رأى العاقل هذه الآثار يقصد التماثيل الضخمة للفراعنة ، عذر العوام في اعتقادهم عن الأوائل بأن أعمارهم،كانت طويلة وأجسامهم عظيمة ، وكانت لهم عصا إذا ضربوا بها الحجر سعى بين أيديهم ،،(35).

أما فيما يخص الطب و التشريح ، فينقد "عبد اللطيف البغدادي" ، ما ذهب إليه " جالينوس" في وصف بعض أجزاء الهيكل العظمي . فلقد أكد على سبيل المثال أن الفك الأسفل قطعة واحدة ، وليس قطعتين كما يقول جالينوس ، ذلك بعد أن فحص أكثر من ألفي جمجمة بشرية في ، أحد المقابر قائلا :" .. فشاهدنا من شكل العظام ومفاصلها وكيفية اتصالها وتناسبها وأوضاعها ما أفادنا علما لا نستفيده من الكتب … . فان جالينوس وإن كان في الدرجة العليا .من  التحري التحفظ فيما يباشره ويحكيه ، فإن الحسّ أصدق منه ، ثم بعد يقول أن عظم الفك الأسفل ، فإن الكل طفقوا على أنه عظمان  بمفصل وثيق عند الحنك ، وقولنا الكل نعني به هاهنا " جالينوس وحده فإنه ، هو الذي باشر التشريح بنفسه… وصنف فيه عدة كتب معظمها موجود لدينا ، والذي شاهدنا من حال هذا العضو أنه عظم واحد وليس فيه مفصل ولا درز أصلا ، واعتبرناه ما شاء الله من المرات في أشخاص كثيرة تزيد على ألفي جمجمة بأصناف من الاعتبارات فلم .نجده إلا عظما واحدا . من كل وجه ثم استعنا بجماعة متفرقة  ، اعتبروه بحضرتنا وفي غيبنا فلم يزيدوا على ما شاهدناه منه وحكيناه ، وكذلك في أشياء أخرى غير هذه . ثم إني اعتبرت هذا العظم أيضا بمدافن بوصير القديمة فوجدته على ما حكيت ليس فيه مفصل ولا درز ومن شأن الدروز الخفية والمفاصل الوثيقة إذا تقادم عليها الزمان أن تظهر وتتفرق وهذا الفك لا يوجد في جميع أحواله إلا قطعة واحدة وأما العجز مع العجب ذكر جالينوس أنه مؤلف من ستة أعظم كما قال جالينوس ، وكذلك وجدته في سائر الجثث على ما قال إلا في جثتين فقط فإني وجدته فيهما عظما واحدا وهو في الجميع موثق المفاصل ولست واثقا بذلك ، كما أنا واثق باتحاد عظم الفك الأسفل "(36) . وهذا البغداد يعلن بكل ثقة أن جالينوس على خطأ في قوله " إن الفك الأسفل يتكون عظمتين وما كانت هذه الثقة والاختلاف في الرأي لو لم يتبع منهج النقد والتمحيص في آراء من سبقه لمعرفة الحق والباطل منه لما توصل إلى هذه الحقيقة .

النقد عند ابن النفيس:- لقد ظهرت في مؤلفات " ابن النفيس " هذه النزعة النقدية التي ، تظهر مثلا في نظريته عن كيفية الإبصار ،وهي النظرية التي يعرضها في بداية كتابة "المهذب في الكحل المجرب " على النحو التالي :-

  يعرض أولا لآراء السابقين في كيفية الإبصار فيقدم فصلا تحت عنون "في مذاهب العلماء في الرؤية " يستعرض آرائهم فيقول :-

الرأي لأول :- رأي الرياضيين ، وأكثر الأطباء ،وهو أنه يكون بشعاع يخرج من العين ويلاقي البصر .

الرأي الثاني :- رأي أكثر الطبيعيين ، وهو أنه يكون بوصول شبح المريء إلى العين (38).

ثم يقدم حججهم على رأيهم في فصل بعنوان " في ذكر حجج القائلين بهذه الآراء" ، ثم ينتقد آراءهم في فصل آخر بعنوان " في إبطال آراء المخالفين ودحض حججهم وقصره الحق الذي ، هو مذهبنا واعتمادنا عليه " فيقول : " ابن النفيس "  أما حجة أصحاب الشعاع فبطلانها من وجوه . الأولى: فإن رؤية البعيد إنما تتم بزيادة تحديق بلطف الروح ، لا لطول مسافة سَفَره .أما  الثانية : "فإن المحسوس البصري يحوز أن لا تشترط فيه الملاقاة ..أما بطلان قول من قال أن الرؤية تتم بوقوع شبح مرئي على الرطوبة الجليدية أو على سطح الطبقة العنكبوتية ،فذلك لان الرطوبة الجليدية والطبقة العنكبوتية مستويتين بالجسم الأسود ، الذي نشاهد في الحدقة ، وذلك الجسم مانع من وصول الشبح إلى هاتين (38.

بعد أن ينتهي " ابن النفيس " من نقد آراء السابقين يعرض ما يؤكد نظريته ، التي تتلخص في أن الأبصار" إنما يتم بردود شبح مرئي  إلى الحاسة ، وذلك أن يكون بسبب وقوعه على الرطوبة الجليدية ، أو على الطبقة الشبكية ، أو على الطبقة العنكبوتية ،أو على  الروح الذي في العين ، والقسمان الأولان قد أبطلناهما فبقي أن يكون ذلك بوقوع الشبح على الروح ، ثم الروح تؤديه إلى إمام الحاسة فتدركه ، وذلك هو ما ذهبنا إليه (39)

وقد اتخذ " ابن النفيس " موقفا صارما من " جالينوس " ، فهو ينتقده في مسألة تشريح الأسنان فيقول ,,وقد شنع " جالينوس " على ما يجعلها عظاما وجعلهم سوفسطائية، واستدل هو على أنها عظام بما هو عين السقسطة ، وذلك لأنه قال :,,إنها لم تكن عظاما لكانت عروقا أو الشرايين أو لحما أو عصبا ونحو ذلك . ومعلوم أنها ليست كذلك ، وهذا غير لازم ، فإن القائلين بأنها ليست بعظام يجعلونها من الأعضاء المؤلفة لا من هذه المفردة ،ويستدلون على تركيبها بما يشاهد فيها من الشظايا وذلك رباطيه وعصبية قالوا : وهذا يوجد في أسنان الحيوانات الكبار ظاهرا" (40.

وإذا عدنا إلى كتاب " اندريا فيزاليوس " ( 1514/ 1564م) ، الذي يعتبره الغرب مؤسس علم التشريح ، نجده يقع في الخطأ نفسه ، كذلك " لبو ناردوا  دافتشى ( 1452/ 1519م) في رسومه التشريحية الشهيرة (41) . لقد  كرروا جميعا خطأ " جالينوس ..ماعدا " ابن النفيس " الذي نتقدا  جالينوس في قوله" بأن ,,المرارة ينفذ منها إلى الأمعاء مجرى آخر تنفذ منه الصفراء إلى تجاويف الأمعاء ،وهذا لا محالة باطل ، فإن المرارة شاهدناها مرارا ،ولم نجد فيها ما ينفذ لا إلى المعدة ولا إلى الأمعاء .(42
وهكذا صحح " ابن النفيس " خطأ " جالينوس " قبل المشرحين الغربيين بعدة قرون ، فهو يقول إنه شاهد المرارة مرارا ، معنى ذلك أنه شاهدها عيانا وعلى الإنسان ، لأن جالينوس يقول :,, أنك ,وسترى في بعض الحيوان،،. لذلك أخطأ ولآن " ابن النفيس " شرَّح الإنسان استدرك الخطأ (43
وينتقد أيضا" جالينوس " في تشريحه الأفنية الصفراوية … سترى " عند التسليخ " القناة التي تجري من حويصلة الصفراء إلى بداية أمعاء الأثنى عشر تحت البواب بقليل ، وسترى في بعض الحيوان التقطه التي تنضم فيها نهاية المعلى الدقيق حول البواب ..وفي الوقت نفسه سترى قناة صغيرة تذهب أسفل الوريد الذاهب إلى الأثنى عشر يتجه إلى الأسفل (44).

ويذكر " ابن سينا " الخطأ نفسه فيقول ,,وهذا المجرى … أي القناة الصفراوية ، تتصل أكثر شعبة بالأثنى عشر، وربما اتصل شئ صغير منه بأسفل المعدة ، وربما وقع الأمر بالضد فصار الأكبر المتصل بالوعاء الإغلاظ إلى أسفل المعدة والأصغر إلى الأنثى عشر(45 )

وهذا ابن النفيس العالم الثائر على من سبقه من أطباء وعلماء في كثير من النصوص التي يتضح منها أتباعه المنهج العلمي الذي بُني على قواعد يسير عليها أو صلته إلى اكتشاف عديد من الحقائق العلمية التي لا مجال لذكرها واكتفينا بالإشارة إلى بعض منها من خلال إتباعه هذا المنهج لاكتشاف هذه الحقائق .

وقد نال " جالينوس "أكبر قدرا من النقد ، نظرا لأنه مؤلفاته تشتمل على التفصيلات العلمية أكثر من أعمال " ابقراط " التي اعتمدت على الإيجاز والأجمال (46.

ثانيا نقد السابقين من الأطباء المسلمين :-

لم يقتصر نقد أطباء هذه المرحلة على معاودة النظر في التراث الطبي اليوناني فحسب ، بل نال الطب العربي السابق قسطا من هذه النزعة النقدية .حيث نجد هناك عديدا من النصوص الخاصة بنقد هؤلاء السابقين . فمن ذلك ما نجده عند " ابن رشد " حين يقول : ,,ومما غلطوا فيه –يقصد الأطباء المسلمين السابقين له- حكمهم على أمزجة الأبدان من الفصول المندفعة منها وهذا ليس يصح فيه حكم كليّ … وذلك أنهم ظنوا أن الفضلّ هو شبيه بالشيء الذي هو فضل له وآخر أن يكون غير شبيه من أن يكون شبيها … لا ينبغي أن نتوهم أنه حتى كان البدن يابسا وجب أن يكون فضلته يابسة ، ولا متى كان رطبا أن يكون فضلة رطبا (47 )

وفي عبارة نقدية أخرى يقول " ابن مطران " عن " السبل "(48)ما يلي : ,,..هو في العين منزلته أتساع العروق في الرجلين المسمي الدوالي ليس مما يقوله : كثير من جهال الأطباء إنه غشاوة تسبح على الملتحمة خارجة عن عروقها ،وهو مرض من نوع الأتساع .،،(49) .

كما ينتقد " ابن زهر " سهو الأطباء السابقين له ، فيقول: في " التذكرة " ,,وإن  الأطباء لم يجعلوا للأدوية المسهلة درجات في قوى الإسهال فإن، من الجزم من الطبيب أن يضع لها درجات في نفسه ليرتبط له ما يحتاج إليه (51) .

كما ظهرت النزعة النقدية عند " ابن زهر " الحفيد في كتابه " التيسير " بعد أن يذكر العلاج الوباء الهوائي فيقول : ,,وقد أثبت في علاج الوباء الهوائي بما وجب علينا بحسب ما أجمعنا عليه في كتابنا هذا مما ذكر المتقدمون ..وأما أنا فإني أرى فيه استعمال .. ..إلخ ،،(52 . ويذكر أدوية جديدة ونظاما خاصا في شرب المياه وتناول الأغذية يصحح به ما ذهب إليه الأطباء السابقون فيما قالوه بصدد علاج هذا الوباء . 

وفي أحد فصول كتاب " موسى بن ميمون توفي ( 605هـ)" قوانين الجزء العلمي من صناع الطب " قوله : ,,..إذا حدث حمى ينبغي ، أن  يتفقد أمرها فإن كانت حمى يوم ينبغي أن يدخل صاحبها الحمام وقت انحطاط الحمى هذا رأى جميع الأطباء، وأما أنا فأحذر من إدخالهم الحمام ….،،إلخ (52 ).

وفي كتاب  "المهذب " نجد هذه النزعة النقدية من خلال استعراض آراء الآخرين والرد عليها فمن أمثلة ذلك قوله : ,,أما الاسترخاء فقد قالوا إن عضلة استرخت عرض عن ذلك ميل السواد إلى الجهة المقابلة لجهتها ، وهذا عندي إنما يصح إذا كان الاسترخاء في العضلة المحركة للمقلة إلى فوق ، فإن هذه إذا استرخت مالت المقلة بثقلها إلى أسفل ، ولا كذلك باقي العضلات فإن قيل: إن المقلة تتحرك حينئذ لتحريك العضلة المقابلة ، لأنها حينئذ تكون سالمة عن معارضة فعل المسترخية ، فيقول : إن هذا مما لا يصح ، وذلك لان تحريك العضلة المقابلة ، إنما تكون بالإرادة وعند فعلها ذلك لا يقال إن ميل السواد حول لأنه لا يخالف الحال الصحيحة ، إذا العضلة الصحيحة ليست تمانع المقابلة لها عند إرادة الحركة إلى جهتان بل تكون حينئذ هي المسترخية سواء ،، (53.

ولم يسلم من النقد  كبار الأطباء السابقين حتى  " ابن سينا " فقد انتقده " ابن النفيس "  في   قوله ,,أن القلب له ثلاث بطون ،، معتمد في هذا الرأي على المشاهدة في قوله: ,,وأما منافع كل واحد من الأعضاء ، فأنا نعتمد على تعريفها على ما يقتضيه النظر المحق ، والبحث المستقيم ، ولا علينا وافق ذلك رأى من تقدمنا أو خالفه … ،، ويقول في مجال أخر منتقدا بعض الآراء مثلا التشريح يكذب ما قالوه(54) .

ولم يقتصر عملية نقد السابقين على الطب بمعناه الضيق  ،إنما ظهر أيضا في علم قريب من الطب وربما يعد تخصصا من تخصصات ،وهو الصيدلة . وهنا العديد من الشواهد التي تدل على النزوع إلى النقد في هذا النوع من الكتابات والبحوث الخاصة بهذه المرحلة فمن ذلك ، ما نجده عند " ابن البيطار " الذي قام بنقد كتاب"“–مناهج البيان فيما يستعمله الإنسان " ،وهو الكتاب الذي جمع فيه " ابن جزلة " توفي( 493هـ) الأدوية والأغذية الأشربة ، فنبه ابن  البيطار " ونبه على أخطائه وما غلط فيه من أسماء الأدوية ،وذلك في كتابة الذي رتبة على حروف المعجم وجعله بعنوان " بالأبانه والأعلام بما في المنهاج من الخلل والأوهام "، حيث يقول في مقدمة ,,أما بعد فإنه ما أشار على من خلصت بإرادة  الخير لي نيته ندبني إلى ما رجوت …أن أتعرض لبعض الكتب الموضوعة في الحشاش والأدوية المفردة .. فأستطيع بسائط أدويته أتعقب ما جرى فيها من التباس أو غلط وأعلم بما وقع فيها من الأوهام في الأسماء والمنافع ..فوضعت في ذلك مقالة ..تشمل معناها على وفاء المقصود ..معتمدا على يقين صحيح أو تجربة مشهودة أو علم متحقق.،،((55)

كما أبرز " ابن البيطار " في مقدمة كتابه كتابه منحاه  التجريبي ، فقال:,,في الغرض الثاني صحة النقل فيما أذكر عن الأقدمين وأحَرّره عن المتأخرين ، فما صح عندي بالمشاهدة والنظر وثبت لدى بالخُبر لا الخَيَرِ ادخرتُه كنزاً سرياً وعدتُ نفسي عن الاستعانة يغيري فيه سوى الله غنيَّا . وما كان مُخالفا في القُوى والكيفيّة والمشاهدة الحسيّة في المنفعة والماهية للصواب والتحقيق أو أن ناقله أو قائله ، عدل فيه سواء الطريق فنبذته ظهريّا وهجرته مليا وفلت لناقله ن لقد جئت  شيئا فريا ، ولم أحاب في ذلك قديما لسبقه ولا محدثا اعتمد غيري على صدقه ،،.(56)قد انتقد بفعل أطباء كثيرين قد أخطأوا في الحديث عن الخصائص الأدوية العلاجية أو في تحديد ماهيته ."

من هنا نلاحظ ظهور هذا الاتجاه النقدي لدى الأطباء المسلمين في هذه المرحلة بعد أن استوعبوا تماما هذه الكتابات وتلك التجارب ، وأنهم لم يصلوا إلى هذه المرحلة من النقد إلا بعد فهمهم لنصوص من سبقهم والاعتماد على ملاحظاتهم ومشاهداتهم الدقيقة ،ولا حظنا أيضا أن هذا الاتجاه النقدي الذي سار عليه الأطباء المسلمون في هذه المرحلة لم يكن نقدا لآراء أطباء اليونان فقط ، ولكنه نقدا لما سبقهم من أطباء مسلمين أيضا ، وهذا يؤكد لنا الأمانة العلمية وتحري الدقة اللتين أشرنا إليها من قبل، كما أن النقد لم يكن نقدا مجردا لكن اسيتبعه التعليل المتمثل في تقديم نظريات وأفكار جديدة استفاد منها العلماء والأطباء فيما بعد استفادة عظيمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 قائمة المصادر والمراجع: 

(1) محمد عبد القادر ،ماهر : دراسات وشخصيات في تاريخ الطب العربي ، دار المعرفة الجامعية (الإسكندرية ، 1991م) ص315.
(2) التفنازاني ، أبو الوفاء الغنمي : العلاقة بين الفلسفة والطب عند المسلمين ، مؤتمر الطب الإسلامي الأول ( الكويت ، 1981م) ص76.
(3) محمد عبد القادر : المرجع السابق ، ص 316.
(4) الانطاكي ، داود : تذكرة أولى الألباب والجامع للعجب العجاب ( دون مكان ، دون      تاريخ)ص7.
(5)رفيدة ، إبراهيم عبدالله : مقدمة لدراسة مناهج البحث العلمي ،مجلة الدعوة الإسلامية ، تصدر عن كلية الدعوة الإسلامية طرابلس ، العدد السادس سنة(1989م) ص153.
(6) محمد عبد القادر،  ماهر: المنطق ومناهج البحث ، دار المعرفة الجامعية ( الإسكندرية ، 1999م) ص166.
(7)روزنتال ، فرانتز : مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي ، ترجمة أنيس فريحة ، دار الثقافة ( بيروت ، 1961م) ص133.
(8)الرازى ، فخر الدين : شرح الإشارات لابن سينا (مطبعة القاهرة ، 1325هـ )2/15-17 .
(9) سزكين ، فؤاد : محاضرات ص15.
(10)روزنتال : المرجع السابق ، ص92.
(11) المرجع نفسه : ص92.
(12) فخر الدين الرازي : الإشارات ، 2/38,
(13) الجندي : ص13.
(14) المرجع نفسه ، ص 13.
(15) ابن سينا ، الحسن : الإشارات والنتبهات مع شرح نصر الدين الطوسي ، تحقيق سلمان دنيا ، دار المعارف ( مصر ، د،ن ) 2/ 38.
(16) المصدر نفسه ، 2/39.
(17) الجندي :المرجع السابق ، ص13.
(18) فرسيس بيكون :
(19) سزكين : المرجع السابق ، 18.
(20) ابن الهيثم ، محمد بن الحسن : كتاب المناظر، المقالات في الإبصار -تحقيق عبد الحميد صبرة ، المجلس الوطني للثقافة ( الكويت ، 1983م)  ص65.
(21)المصدر نفسه : ص66.
(22) محمد العبد ، عبد اللطيف : أصول الفكر الفلسفي عند أبي بكر الرازي ، مكتبة الانجلو المصرية ( 1977م) ص152.
(23) حسين ، محمد كامل : طب الرازي ، دراسة تحليلية لكتاب الحاوي ، دار الشرق ( القاهرة ، 1977م) ص 139.
(24) المرجع نفسه ، ص140.
(25 ) قطاية، سلمان : ابن النفيس ، سلسلة أعلام الطب العربي ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر (بيروت ، 1984م)ص 86.
(26) المرجع نفسه ، ص87.
(27) جاك س .رسل : الحضارة العربية ، ترجمة غنيم عبدون (د، و، ) ص194.
(28) الطويل ، توفيق : العرب والعلم في عصر الإسلام ، دار النهضة العربية ( القاهرة ، 1968م)ص35.
(29) منتصر ، عبد الحليم : أبو ريحان البيروني ،دار المعارف (مصر، 1986م) ص211
(30)المرجع نفسه :ص211.
(31) محمد عبد القادر ، ماهر : فلسفة العلوم ، دار النهضة العربية ( بيروت ، 1984م) 2/ 42.
(32) المرجع نفسه ، 2/43.
(33) المرجع نفسه ، 2/42.
(34) هناء فوزي: مناهج الأطباء ، دار سعاد الصباح ( الكويت ، 1993)ص156.
(35) بول غليونجي : ،عبد اللطيف لبغدادي (الكويت ، د،ت ) ص107.
(36)البغدادي ، عبد اللطيف : الإفادةوالاعتبار في الأمور والمشاهدة والحوادث المعنية بأرض مصر ( ب،ن ، د،ت ) ص61-62. ولقد علق بول غليونجي قائلا، لقد استمر رأى جالينوس في عظمتي الفك زمنا طويلا ، فقد أخذ برأيه" ابن سينا " عند وصفه تشريح عظام الفكين واستمر هنا الرأي سائد حتى بعد عبد الله إلى أن إعادة نقدة  فييزاليوس في القرن السادس عشر كأننا عند قراعة وصفه نستمع إلى الغدادي يملي ملاحظاته على تلاميذه ونرى  عبد اللطيف البغدادي يفحص ما يزيد على ألفي جمجمة ثم يكلف غيرة بمشاهدتها ثم يتوجه إلى مدافن بوصير لعل العظام هناك تختلف عنها في المقس وكأنه توقع اعتراض معترض بأن الدروز لا تظهر في الجثث الحديثة . . . فرد بهذا مسبقا على طبيب القرن السادس عشر الذي صرح بأن الطبيعة إذا اختلف من أقوال جالينوس فإنها اختلفت لتغير طرأ عليها على مر الزمان .=بول غليونجي : المرجع السابق ، 108.
(37 ابن النفيس ، أبو الحسن : المهذب في الكحل المجرب ، تحقيق محمد ظافر الوقائي ، ومحمد رواس قلعة جي -منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ايسكو ( الدار البيضاء ، 1988م) ص86.
(38 المصدر نفسه ، ص92
39) مصدر نفسه ،ص92-93.   
(40 )ن النفيس ، أبو الحسن : شرح تشريح القانون - تحقيق سلمان قطاية ، مراجعة بول غليونجي ، الهيئة المصرية العامة لكتاب ( القاهرة ، 1988م) ص93.
(41)قطاية :ابن النفيس ، ص58.
42 ) المرجع  نفسه ، ص58.
43 ) المرجع نفسه ، ص57.
(44)  قطاية : المرجع السابق ، 58.
(45) نفس المرجع ، ص 59
(46)هناء فوزي : مناهج الأطباء ،ص 159.
 (47 ) ابن رشد ، أبو الوليد : رسائل ابن رشد الطبية -تلخيص المزاج لجالينوس ،تحقيق جورج قنواتي ( القاهرة ،د،ت) ص139.
(48) ابن مطران ، أبو نصر أسعد : بستان الأطباء وروضة الأولياء -تحقيق عبد الكريم أبوشويرب -جمعية الدعوة الإسلامية ( طرابلس ، 1993م) ص296.
(49)  هناء فوزي : المرجع السابق ، ص 161.
(50)  ابن زهر ، أبو مروان عبد الملك : كتاب التيسير في المداواة والتدبير -تحقيق مشيل الخوري _ تقديم محي الدين صابر -المطبعة العربية للتربية والثقافة والعلوم _ د، م ، 1983م) ص237.
(51) هناء فوزي : المرجع السابق ، ص 162.
(52) المرجع نفسه ، ص 163.
(53)ابن النفيس : المهذب ، ص440-441,
(54) ابن النفيس : شرح تشريح القانون ص17.
(55)البيطار ،ضياء الدين عبدالله : الجامع لمفرادت الادوية والأغذية (بولاق 1864م) ص10.
(56) (56) فمثلا انظر في كتاب الجامع في مادة جندقوقي بولى 2/40 حيث انتقد الرازي وابن سينا والغافقي وابن سمحون وحنين ابن إسحاق ، على أن نقده العلماء موزع في كامل الكتاب .

هناك تعليق واحد:

  1. وصل الاطباء المسلمين انهم لايأخذوا باراء من قبلهم من الاطباء واعتمدوا على الطب التجريبي فهل كان هذا عيب ان ميزة؟

    ردحذف

تاريخ علم التشريح عند أطباء العرب المسلمين...د.زكية بالناصر القعود

     يحاول  الباحث هنا أن يهتم بجانب من التراث الطبي الإسلامي وهذا فى الحقيقة يعنى التاريخ له وللمرحلة التى نشأ فيها وإبراز الاكتشافات العلم...